ماذا خسرت ألمانيا بمعاقبة السعودية وهل ستقتدي باقي دول أوروبا ببرلين؟

أخبار العالم العربي

ماذا خسرت ألمانيا بمعاقبة السعودية وهل ستقتدي باقي دول أوروبا ببرلين؟
العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز، والمستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل
انسخ الرابطhttps://ar.rt.com/l2zs

دخلت تهديدات الحكومة الألمانية، اليوم الاثنين، حيز التنفيذ بوقف صادرات الأسلحة إلى السعودية على خلفية مقتل الصحفي، جمال خاشقجي، داعية الدول الأوروبية الأخرى لتحذو حذوها.

أعلنت وزارة الاقتصاد الألمانية أن حكومة البلاد أوقفت بالكامل تطبيق كل التراخيص التي تم تقديمها إلى الشركات والمؤسسات لتوريد الأسلحة الألمانية إلى السعودية، كما اتخذت قرارا بعدم منح أي تراخيص جديدة في هذا المجال، وذلك بالتزامن مع فرض ألمانيا عقوبات على 18 سعوديا هم طاقم قتلة الصحفي خاشقجي.

وتحتل ألمانيا المرتبة الـ4 فقط في قائمة أكبر الدول المصدرة للأسلحة إلى السعودية، بعد كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.

ومنذ العام 2012 تسلك ألمانيا بقيادة المستشارة، أنغيلا ميركل، نهجا مستمرا لتخفيض مستوى صادرات أسلحتها إلى السعودية التي تنتقدها كثيرا في الفترة الماضية بسبب قضية حقوق الإنسان في المملكة وعمليات التحالف العربي العسكري بزعامتها في اليمن، ما أدى وفق معطيات الأمم المتحدة، إلى مقتل وإصابة أكثر من 10 آلاف شخص.

وشهد حجم مبيعات الأسلحة الألمانية إلى السعودية انخفاضا ملموسا منذ العام 2012، حينما وصل هذا المعدل إلى 1.42 مليار دولار.

وقد حصدت الشركات الألمانية أرباحا كثيرة من تكثيف الرياض الحاد لشراءاتها للمعدات العسكرية في الآونة الأخيرة.

وبحسب معلومات وكالة "DPA"، صادقت الحكومة الألمانية حتى 30 سبتمبر من العام الجاري على صفقات لتوريد المعدات العسكرية الألمانية إلى المملكة بمبلغ 460 مليون دولار، ومن بينها منظومات مدفعية جرت الموافقة على بيعها الشهر الماضي.

وارتفع هذا المعدل بالتالي مقارنة مع العام 2017، عندما بلغ الحجم الإجمالي لهذه الصادرات مستوى 292 مليون دولار.

وتمثل السعودية نتيجة هذه الصفقات ثاني أكبر مشتر للأسلحة الألمانية في العام 2018 بعد الجزائر، وذلك في الوقت الذي يواجه فيه الائتلاف الحكومي لألمانيا انتقادات حادة من قبل معارضيه بسبب مواصلة بيع المعدات العسكرية للمملكة على خلفية استمرار عملياتها في اليمن، لا سيما أن الأحزاب المشاركة في الحكومة توصلت في يناير 2018 إلى اتفاق ينص على حظر صادرات الأسلحة إلى الدول الأطراف في الأزمة اليمنية.

لكن القرارات التي اتخذتها حكومة ميركل عقب مقتل خاشقجي في مقر قنصلية السعودية باسطنبول يوم 2 أكتوبر تشير إلى تحول واضح في سياسة برلين، التي يبدو أنها تسعى للاستفادة من هذا الوضع لتثبيت زعامتها في الاتحاد الأوروبي والتشديد على استقلاله من الولايات المتحدوة في الوقت الذي تتزايد فيه خلافاته مع السلطات الأمريكية بالتزامن مع استمرار عملية "بريكست" الموجعة. 

وبعد دعوة ميركل مؤخرا إلى إنشاء جيش أوروبي موحد مستقل عن الولايات المتحدة، حثت ألمانيا اليوم، على لسان وزير اقتصادها وأحد أقرب حلفاء ميركل، بيتر ألتماير، باقي دول الاتحاد إلى الاقتداء بها ووقف مبيعات الأسلحة إلى السعودية حتى كشف الحقيقة كاملة حول مقتل خاشقجي.

وشدد ألتماير على ضرورة أن تتقدم أوروبا بـ"مبادرة موحدة" في هذا المجال للضغط على السعودية و"إثارة انطباع مناسب" بالنسبة إليها، في تطور قد يسفر عن مزيد من التوتر في العلاقات بين برلين والرياض والتي شهدت أزمة دبلوماسية اندلعت في نوفمبر 2017 على خلفية انتقاد وزير الخارجية الألماني السابق، زيغمار غابرييل، سياسة المملكة تجاه لبنان، إذ لمح إلى أنها احتجزت آنذاك رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري وأرغمته على تقديم الاستقالة.

ويبدو أن آفاق التزام الدول الأوروبية بهذا الموقف "الموحد" من مسألة توريد الأسلحة إلى السعودية لا تبدو واعدة، وعلى الرغم من أن دعوة ألمانيا قد تحظى بدعم بعض بلدان المنطقة، مثل النمسا، التي حثت أيضا في وقت سابق الاتحاد، على لسان وزيرة خارجيتها، كارين كنايسل، على وقف صادرات الأسلحة للرياض على خلفية مقتل خاشقجي، أو إسبانيا، التي أعلنت مرارا عزمها على مراجعة صفقات التسليح التي أبرمتها مع الجانب السعودي، إلا أن أطرافا أخرى تعارض هذه المبادرة، وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا، اللتان تعتبران ثاني وثالث أكبر المصدرين للأسلحة إلى السعودية بعد الولايات المتحدة وأبدتا مواقف أقل حدة من قضية خاشقجي، مؤكدتين على ضرورة الحفاظ على علاقات الحلف الاستراتيجي مع المملكة.

المصدر: RT

موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا