"طولة البال" الروسية

انسخ الرابطhttps://arabic.rt.com/news/605443/

بعد جفاء استمر عاما عاد وليد بك جنبلاط الى موسكو. الخارجية الروسية استقبلت الزعيم الدرزي وكأن شيئا لم يكن. نسيت هجومه على الموقف الروسي من الأزمة السورية، ونسيت اتهامه موسكو بالتآمر على الشعب السوري وبالتخطيط مع اسرائيل لتقسيم سورية.

بعد جفاء استمر عاما عاد وليد بك جنبلاط الى موسكو. الخارجية الروسية استقبلت الزعيم الدرزي وكأن شيئا لم يكن. نسيت هجومه على الموقف الروسي من الأزمة السورية، ونسيت اتهامه موسكو بالتآمر على الشعب السوري وبالتخطيط مع اسرائيل لتقسيم سورية. وليد بك كان قد خرج من موسكو وصفق الباب لكنه "معلّم" في السياسة والدبلوماسية فعاد مجددا حين ظهرت الحاجة لموسكو، واليوم بات يرى الطرح الروسي للحلّ ايجابيا وإن لم تتضح له آليات التطبيق.

مع بداية الربيع العربي راح العرب يتنكّرون لصديقهم الروسي واحدا تلو الآخر، ليبيا ذهبت ادراج الرياح، ومصر لم تستقر على اتجاه، وتونس أبعدتها الانتخابات أكثر عن روسيا.

روسيا وريثة الاتحاد السوفيتي ورثت عنه أصدقاءه وورثت "طولة البال" السوفيتية في التعامل مع هؤلاء الأصدقاء. وموسكو تعرف تقاليد الغير وتعمل بها، فحين مات عبد الناصر قدّمت لمصر الأسلحة على طبق كما يقدم الجيران الطعام لأهل الفقيد. لكن مصر السادات طردت خبراءهم وارتمت في أحضان الأمريكان. مصر أيضا خرّجت ساداتا آخر باسم نبيل العربي، وحين أرادت الجامعة العربية تقديم تسهيلات لتنفيذ الخطة الأمريكية في المنطقة، اقترح العربي خطة على الأمم المتحدة تطالب بتنحي الأسد وتهدد بإجراءات غير محددة لاتستثني السيناريو الليبي. وكأن الخطة وضعت لتستخدم موسكو حق الفيتو، وتسلّط عليها كل الأبواق. الإعلام العربي استهلك مئات الملايين من الدولارات النفطية لتشويه صورة روسيا ونجح في إخراج معادين لموسكو إلى الشارع. حتى سورية التي ليس بها أسرة إلا ولها علاقة ومعرفة بروسيا من قريب أو بعيد ظهر فيها من يندد ويهدد ويتطاول. كثيرون تناسوا كل ما بناه الروس في سورية، تناسوا السد والكهرباء والمصانع واستصلاح الأراضي، وتناسوا الجسر الجوي خلال حرب تشرين، ناهيك عن شطب الديون. لكن موسكو تنتظر بـ"طولة بال" سوفيتية عودة الأصدقاء القدامى كما عاد وليد بك. وتواصل الدفاع عن سورية بكل ماتستطيع.

روسيا أرسلت معدات عسكرية متطورة تخص منظومة الدفاع الجوي. تسمح بالدفاع عن كل الساحل السوري ضد أي هجوم محتمل من البحر. وفي اعقاب اعلان الولايات المتحدة عن تحريك حاملة الطائرات الحديثة جورج بوش باتجاه السواحل السورية، اعلنت موسكو تسليم سوريا منظومة متحركة للدفاع عن السواحل تتضمن صواريخ «ياخونت» المضادة للسفن. والخارجية تكرر يوميا ضرورة استغلال كل الفرص لايجاد الحل السلمي منعا لتعاظم النشاط المسلح الذي يكتسب يوما بعد يوم بعدا طائفيا.

روسيا حافظت وتحافظ على وجود الدولة السورية، وموقفها من الأزمة منع تنفيذ المخطط الذي صارت تفاصيله معروفة لكل ذي بصيرة. أن يضرب البلد حتى تدمير بنيته التحتية بالكامل ثم تأتي الشركات الأجنبية لبنائه فلا يجد البلد سبيلا للخلاص منها ويفقد استقلاله تحت ضغط الديون.

الصداقة الروسية – السورية ليست علاقة شخصيات بل هي علاقة حميمية تغوص في التاريخ. هي علاقة روحية أسس لها قديسون سوريون أثناء نشر المسيحية في روسيا، مودة بين شعبين كثيرا مايخطئ ممثلوهما في لفظ اسمي بلديهما فيستبدلون واحدا بالآخر. والعتاب بين الأصدقاء دليل المودة، فأتمنى على من يشتم الروس اليوم أن لايحرق الجسور فحين تشتد الأحوال وتضيق الدنيا تجد الروسي أول من يمد يد المعونة.

رائد كشكية

 المواضيع المنشورة في منتدى "روسيا اليوم" لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر إدارتي موقع وقناة "روسيا اليوم".

 المزيد من مقالات رائد كشكية على مدونات روسيا اليوم

موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا