لم يبح شي جين بينغ ومحمد بن سلمان لبعضهما بكل شيء

أخبار الصحافة

لم يبح شي جين بينغ ومحمد بن سلمان لبعضهما بكل شيء
الرئيس الصيني شي جين بينغ وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان
انسخ الرابطhttps://ar.rt.com/ud0v

ستخفض الولايات المتحدة الأمريكية سعر النفط العربي.

بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى المملكة العربية السعودية، بدأ الجميع يتحدث عما كنت أكتب عنه لعدة سنوات: محكوم على المملكة العربية السعودية والصين بالتحالف نظرا لظروف تكامل اقتصاداتهما. وانتقال الرياض إلى المعسكر الصيني، أو بالأحرى محاولتها القيام بذلك ليس سوى مسألة وقت. ولكن، هل ستنجح تلك المحاولة؟

 بالفعل، خلال الزيارة، كان الطرفان يغرقان في مظاهر التعاطف المتبادل وإشارات الاهتمام، وكانت الكلمات من كلا الجانبين مفعمة بالدفء، وتم توقيع عدد من الاتفاقيات التي تصل قيمتها إلى 50 مليار دولار، وتبدو الآفاق الاقتصادية للتعاون رائعة.

ومع ذلك، فإن هذه النتائج ربما تكون عظيمة بالنسبة للعالم القديم، الذي خرج فعليا من أبواب التاريخ. في العالم الجديد، يمكن أن تنهار كل المخططات العملاقة التي يخطط لها الرياض وبكين بخطوة واحدة من الولايات المتحدة الأمريكية كقصور من الرمال.

بمعنى أنه من الممكن اعتبار نتائج الزيارة غير مؤكدة نظرا لغياب القرارات فيها بشأن قضيتين رئيسيتين وهما: تحويل تجارة النفط السعودية إلى اليوان على الأقل في التجارة الثنائية مع الصين، والضمانات الأمنية للمملكة العربية السعودية.

لقد تحدث الوفد الصيني بالفعل عن تجارة النفط باليوان، إلا أن الأمر لم يتجاوز حدود الكلمات، حيث توجد صعوبة هنا: فبحسب نتائج شهر سبتمبر من العام الجاري، كان استيراد السلع والمواد الخام من السعودية إلى الصين ضعف صادرات البضائع الصينية إلى السعودية، أي أن المملكة العربية السعودية ستتمتع دوما بفائض من اليوان، وهو أمر يصعب للغاية استثماره في مكان ما بشكل مربح. فتحرير أسواق الأسهم والأسواق المالية في الصين لم يتم بعد، والعملة الصينية أقل سيولة من العملة الأمريكية. ربما يؤدي إدخال اليوان الرقمي للمدفوعات الدولية في المستقبل القريب إلى تسريع هذه العملية، لكن الصين نفسها، حتى الآن، ليست مستعدة تماما ليصبح اليوان عملة تجارية واحتياطية عالمية.

ومع ذلك، يمكن للأطراف، كبداية، تحويل جزء على الأقل من تجارة النفط إلى اليوان.

إلا أن القضية الرئيسية تظل هي الضمانات الأمنية.

من الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية تستعد حاليا للحرب بنشاط، وربما ليس مع روسيا بقدر ما هي مع الصين، حيث يشير الإخلاء العاجل لصناعة أشباه الموصلات من تايوان إلى الولايات المتحدة إلى أنه لم يتبق سوى القليل من الوقت قبل الصراع المفتوح. يدعم هذا الافتراض أيضا النقص في رقائق الحواسيب الآلية، والذي ظهر فجأة قبل عام في جميع أنحاء العالم، يبدو أن الولايات المتحدة اشترت بشكل عاجل هذه المكونات للاحتياطي الاستراتيجي.

لن تتمكن الرياض من تنفيذ خططها المشتركة مع بكين، إلا إذا كانت في المعسكر الصيني، وكان بإمكانها بمفردها أو بمساعدة الصين تأمين طرق التجارة البحرية منها وإليها. ومع ذلك، فإن ذلك غير مرجح في السنوات القليلة المقبلة، وإذا بقيت السعودية في المعسكر الأمريكي، فيمكن إهالة التراب على معظم الاتفاقيات الموقعة الآن.

لكن الأمور حتى أسوأ بالنسبة للرياض، حيث أن صادرات النفط السعودية إلى حلفاء الولايات المتحدة في آسيا متساوية تقريبا في الحجم مع الصين، وهي أكبر مستهلك للنفط السعودي.

ونحن نرى الآن بداية تقسيم العالم إلى مخيمات معزولة عن بعضها البعض، بما في ذلك في الاقتصاد. ومع بداية الصراع الصيني الأمريكي المفتوح، ستصبح هذه العزلة أكثر صرامة. وإذا اختارت المملكة العربية السعودية الولايات المتحدة، فإنها ستفقد صادراتها إلى الصين، وإذا اختارت العكس، فعندئذ يوجد احتمال كبير لتوقف صادراتها إلى اليابان وكوريا وغيرها من الدول الحليفة للولايات المتحدة أو تحديدها بشدة. وسيتم تقييد الأرباح السعودية على الأقل عدة مرات بسقف لسعر النفط، ما سيترك السعوديين مع الفتات.

وفي حالة نشوب صراع بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وأيا كان الجانب الذي ستختاره المملكة العربية السعودية، فإنها ستخسر على أي حال جزءا كبيرا من صادراتها النفطية. أو بالأحرى، في عالم تهيمن عليه الولايات المتحدة، فإن المملكة العربية السعودية محكوم عليها بخسارة نصف صادراتها. ويرجع التوتر الحالي في علاقات الرياض وواشنطن، من بين أمور أخرى، إلى حقيقة أن السعودية مهتمة بهزيمة الولايات المتحدة، على الرغم من خشيتها الإعلان عن ذلك.

إلا أن هذا ليس كل شيء.

فهناك نظرية تقول إن الولايات المتحدة تريد البقاء وتجديد هيمنتها من خلال تدمير الصناعة الأوروبية ونقلها إلى أراضيها. وبعد ذلك، بمساعدة الحرب في أوروبا، ستثير الولايات المتحدة هجرة جماعية للسكان البيض في أوروبا عبر المحيط إلى الولايات المتحدة، وهو ما من شأنه أن يؤجل الأزمة الديموغرافية والعرقية فيها لنصف قرن إضافي.

ومع ذلك، في حين أن هذه مجرد نظرية، فلنفترض أن الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا على نفس خط المواجهة وستعملان معا على الرغم من كل تهديدات ماكرون وشولتس بحرب تجارية ضد الجهود الأمريكية لاصطياد الصناعة الأوروبية.

الغرب الموحد نفسه يرفض النفط الروسي، ويريد منع وصوله إلى الأسواق العالمية. في الوقت الذي يحاول فيه الغرب أن يوفر لنفسه فرصة الحصول على الموارد بسعر أقل من خلال فرض سقف على أسعار النفط والغاز.

وتلك هي الاستراتيجية الأساسية للغرب حتى نهاية وجوده كـ "مليار ذهبي".

وكل هذه الملحمة بشأن "التحول الأخضر"، وضرائب الكربون، والضرائب "البيئية" على البضائع من البلدان الفقيرة التي تستخدم مصادر الطاقة الأحفورية، ليست سوى مظهر من مظاهر هذه الاستراتيجية.

والسقف الحالي لأسعار النفط الروسي هو الخطوة الأولى في هذا الاتجاه، ثم سيكون هناك الغاز الروسي، ثم النفط السعودي والإماراتي، فالغاز القطري. وسيتم تنفيذ ذلك بغض النظر عن تطور الأحداث في أوكرانيا أو تايوان. والغرب سيسرق عرب الخليج، بغض النظر عن المعسكر الذي يتواجدون فيه، لأن طاقة "المليار الذهبي" ينبغي أن تكون رخيصة.

وسقف السعر هو ضريبة استعمارية طويلة الأجل على العالم بأسره خارج "المليار الذهبي"، وسيتم توسيعه لاحقا ليشمل فئات جديدة من السلع. ففي الحرب، يمكنك إسقاط ورقة التوت "الخضراء" والسرقة علانية.

سيتم ضخ النفط العربي إلى أوروبا، وإنتاج فائض من النفط الرخيص للغرب، بينما لن يكون لدى البقية ما يكفي منه.

وبالتالي، تود المملكة العربية السعودية الانضمام إلى الصين، إلا أنني لا أعتقد أن هذا سيحدث حتى تلوح هزيمة الولايات المتحدة في الأفق.

ولن تكون الصين قادرة على النمو بهدوء وبشكل غير محسوس، بل ستضطر إلى شحذ كافة قواتها المتاحة للمواجهة، على حافة قدراتها أو ما وراءها، وحتى النجاح في هذه الحالة، إذا ما اندلعت الحرب في السنوات العشر القادمة، فلن يكون مضمونا.

لهذا، لن يكون هناك عالم ثنائي القطب، وتظل روسيا وستظل لاعبا رئيسيا في العالم، ولا أستبعد أن تكون الضمانات الأمنية للسعودية جماعية.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

رابط قناة "تليغرام" الخاصة بالكاتب

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا

لحظة بلحظة.. تطورات الهجوم الإرهابي على مركز كروكوس التجاري بضواحي موسكو ومصير الجناة والضحايا