"معاهدة أعالي البحار" .. اتفاق تاريخي لحماية المياه الدولية تم التوصل إليه أخيرا في الأمم المتحدة

العلوم والتكنولوجيا

صورة تعبيرية
انسخ الرابطhttps://ar.rt.com/uvgy

للمرة الأولى، وافق أعضاء الأمم المتحدة يوم السبت، على معاهدة موحدة لحماية التنوع البيولوجي في أعالي البحار، وهي كنز هش وحيوي يغطي ما يقارب نصف الكوكب.

وتوصلت أكثر من 190 دولة إلى اتفاق تاريخي لحماية التنوع البيولوجي في محيطات العالم، حيث اتفقت لأول مرة على إطار عمل مشترك لإنشاء مناطق محمية جديدة في المياه الدولية.

وتم التوقيع على الاتفاق مساء السبت، بعد أسبوعين من المفاوضات في مقر الأمم المتحدة في نيويورك وانتهت بجلسة نهائية ضخمة استمرت أكثر من 36 ساعة، لكن الأمر استغرق عقدين من الإعداد.

وأعلنت رئيسة المؤتمر رينا لي، من سنغافورة، في مقر الأمم المتحدة في نيويورك قبيل الساعة  02:30 بتوقيت غرينتش من يوم الأحد، عن توقيع المعاهدة وسط تصفيق المندوبين.

ولم يتم إصدار الصياغة الدقيقة للنص على الفور، لكن النشطاء أشادوا بهذا الاتفاق باعتباره لحظة "اختراق" لحماية التنوع البيولوجي بعد أكثر من 15 عاما من المناقشات.

وتعد المعاهدة التاريخية ضرورية لتنفيذ تعهد "30×30" الذي قطعته على نفسها الدول في مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي في ديسمبر، لحماية 30% من اليابسة والمحيطات في العالم بحلول عام 2030.

وستوفر المعاهدة إطارا قانونيا لإنشاء مناطق بحرية محمية شاسعة (MPAs) للحماية من فقدان الحياة البرية وتقاسم الموارد الجينية في أعالي البحار (وهي مواد من النباتات والحيوانات البحرية تستخدم في صناعات مثل المستحضرات الصيدلانية).

وسيؤسس مؤتمر الأطراف (Cop) وهو الهيئة الإدارية العليا لأي اتفاقية دولية، والذي سيجتمع بشكل دوري ويمكّن الدول الأعضاء من الخضوع للمساءلة بشأن قضايا مثل الحوكمة والتنوع البيولوجي.

ووصفت مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون البيئة فيرجينيوس سينكيفيسيوس، يوم الأحد، المعاهدة بأنها "خطوة حاسمة إلى الأمام للحفاظ على الحياة البحرية والتنوع البيولوجي الضروريين لنا وللأجيال القادمة".

وبعد أسبوعين من المحادثات المكثفة، بما في ذلك الجلسة الماراثونية الممتدة من يوم الجمعة إلى يوم السبت، وضع المندوبون اللمسات الأخيرة على نص المعاهدة والذي أشارت لي للمفاوضين أنه غير قابل للتعديل أو التغيير أو النقاش.

وأعلنت أنه سيتم تبني الاتفاقية رسميا في وقت لاحق بمجرد أن يتم فحصها من قبل المحامين وترجمتها إلى اللغات الرسمية الست للأمم المتحدة.

وأشاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالمندوبين، وقال وفقا لمتحدث رسمي إن الاتفاقية كانت "انتصارا للتعددية وللجهود العالمية لمواجهة الاتجاهات المدمرة التي تواجهها المحيطات الآن ولأجيال قادمة".

الدور الحاسم

تبدأ أعالي البحار عند حدود المناطق الاقتصادية الخالصة للدول، والتي تمتد حتى 200 ميل بحري (370 كيلومترا) من السواحل. وبالتالي فهي تقع تحت الولاية القضائية لأي بلد.

وعلى الرغم من أن أعالي البحار تضم أكثر من 60% من محيطات العالم وما يقارب نصف سطح الكوكب، إلا أنها طالما لفتت انتباها أقل بكثير من المياه الساحلية حيث ثمة عدد قليل من الأنواع الشهيرة.

وتخلق النظم البيئية للمحيطات نصف الأكسجين الذي يتنفسه البشر وتحد من ظاهرة الاحتباس الحراري عن طريق امتصاص الكثير من ثاني أكسيد الكربون المنبعث من الأنشطة البشرية.

لكنها مهددة بتغير المناخ والتلوث والصيد الجائر. ويتم حاليا حماية نحو 1% فقط من أعالي البحار.

وعندما تدخل المعاهدة الجديدة حيز التنفيذ، فإنها ستسمح بإنشاء مناطق بحرية محمية في هذه المياه الدولية.

وقالت ليز كاران من مؤسسة بيو الخيرية تراستس: "يمكن للمناطق البحرية المحمية في أعالي البحار أن تلعب دورا حاسما في بناء المرونة لتأثير تغير المناخ"، ووصفت الاتفاقية بأنها "إنجاز بالغ الأهمية".

كما ستلزم المعاهدة الدول بإجراء تقييمات الأثر البيئي للأنشطة المقترحة في أعالي البحار.

وكان الفصل شديد الحساسية حول تقاسم الفوائد المحتملة للموارد البحرية المكتشفة حديثا أحد النقاط المحورية للتوترات قبل التغلب عليها أخيرا.

أرباح

كافحت البلدان النامية، التي تفتقر إلى الوسائل الكفيلة بتحمل تكاليف البحوث المكلفة، من أجل عدم استبعادها من المكاسب غير المتوقعة من تسويق المواد المحتملة المكتشفة في المياه الدولية.

ومن المحتمل أن تكون الأرباح النهائية من الاستخدام الصيدلاني أو الكيميائي أو التجميلي للمواد البحرية المكتشفة حديثا والتي لا يملكها أحد.

كما هو الحال في المنتديات الدولية الأخرى، ولا سيما مفاوضات المناخ، انتهى النقاش إلى أن أصبحت مسألة ضمان المساواة بين جنوب العالم الأفقر والشمال الأكثر ثراء، كما لاحظ المراقبون.

وفي خطوة يُنظر إليها على أنها محاولة لبناء الثقة بين الدول الغنية والفقيرة، تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم 40 مليون يورو (42 مليون دولار) في نيويورك لتسهيل التصديق على المعاهدة وتنفيذها في وقت مبكر.

كما أعلن الاتحاد الأوروبي عن 860 مليون دولار للبحث والمراقبة والمحافظة على المحيطات في عام 2023 في مؤتمر Our Ocean في بنما الذي انتهى يوم الجمعة. وقالت بنما إن الدول تعهدت بتقديم ما مجموعه 19 مليار دولار.

المصدر: phys.org 

موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا