بأمر رئاسي أمريكي: يا أحفاد اليابانيين لا مكان لكم بيننا!

أخبار العالم

بأمر رئاسي أمريكي: يا أحفاد اليابانيين لا مكان لكم بيننا!
انسخ الرابطhttps://ar.rt.com/use2

في تجربة تعيد إلى الأذهان مأساة "الهنود الحمر" في المعتقلات الجماعية، أعادت الحكومة الأمريكية التجربة مع مواطنيها من أصل ياباني. رمت بهم عنوة في عام 1942 في فياف نائية.

وقع الرئيس فرانكلين روزفلت في 19 فبراير 1942 "الأمر التنفيذي 9066"، في استعادة للمعتقلات الجماعية الكريهة واللاإنسانية، حيث أمر في تلك الوثيقة بالإبعاد القسري لـ "الأجانب الأعداء" المقيمين في أجزاء من غرب البلاد، بعد أن وصفت بطريقة مبهمة على أنها مناطق عسكرية.

بعد الهجوم الياباني الشهير على الأسطول الأمريكي الراسي في "بيرل هاربور" في عام 1941، بدأ مستشارو روزفلت العسكريون والسياسيون ضغوطات لدفعه إلى اتخاذ تدابير استثنائية وغير مسبوقة تخوفا من المزيد من الهجمات اليابانية أو عمليات التخريب، وخاصة على الساحل الغربي للولايات المتحدة، حيث تعد الموانئ البحرية ومراكز الشحن التجاري والزراعة هناك، الأكثر عرضة للخطر.

وأرفد الكونغرس هذا الأمر التنفيذي في وقت لاحق بالقانون العام 503، الذي جعل انتهاك الأمر التنفيذي 9066 جنحة يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى عام وبغرامة مقدارها 5000 دولار.

شملت المناطق العسكرية المحظورة التي أشير إليها في هذا الأمر الرئاسي، مناطق غير محددة حول مدن الساحل الغربي والموانئ والمناطق الصناعية والزراعية. كما تأثر أيضا الأمريكيون من أصول إيطالية وألمانية بالأمر التنفيذي "9066" سيئ السمعة إلا أن العدد الأكبر من المعتقلين كان من الأمريكيين اليابانيين.

وكان هاجر بين عامي 1861 و1940 ما يقرب من 275000 ياباني إلى هاواي والبر الرئيسي للولايات المتحدة، ووصلت الغالبية بين عامي 1898 و1924، حين تم في ذلك التاريخ اعتماد الحصص التي أنهت الهجرة الآسيوية.

عمل الكثير من المهاجرين اليابانيين في حقول قصب السكر في هاواي كعمال متعاقدين. بعد انتهاء عقودهم، بقي عدد قليل وقام بافتتاح متاجر. استقر مهاجرون يابانيون آخرون على الساحل الغربي من البر الأمريكي الرئيس، وقاموا بنشاطات زراعية واعتنوا ببساتين الفاكهة، ومارسوا الصيد البحري، وإدارة الأعمال التجارية الصغيرة.

كللت جهودهم بنتائج باهرة. وعلى الرغم من أن الأراضي التي كانت بحوزة اليابانيين الأمريكيين أقل من 4 في المائة من الأراضي الزراعية في كاليفورنيا في عام 1940، لكنها أنتجت أكثر من 10 في المائة من القيمة الإجمالية للموارد الزراعية للولاية.

توصف مشاعر العنصرية التي التهبت في ذلك الوقت خاصة على الساحل الأمريكي الغربي، بأنها كانت مدفوعة جزئيا أيضا بالغيرة من نجاح الياباني التجاري، إلا أن الهجوم على "بيرل هاربور" أعطى  مبررا للمطالبة بإبعادهم بشكل جماعي وإعادة توطينهم في مناطق نائية  طيلة فترة الحرب العالمية الثانية.

بموجب ذلك القرار الرئاسي الأمريكي جرى بشكل منهجي اعتقال المهاجرين اليابانيين وأحفادهم، بغض النظر عن أوضاعهم القانونية أو مدة إقامتهم، وزج بهم في معسكرات الاعتقال.

بنيت المخيمات في مواقع نائية وقاحلة في الولايات الغربية مثل معسكر مانزانار على سفوح سلسلة سييرا نيفادا الجبلية في كاليفورنيا، وكانت تأوي آلاف الأسر التي أبعدت عن منازلها وتوقفت حياتها ودمرت أنشطتها الاقتصادية بموجب الأمر التنفيذي 9066.

فوض روزفلت وزارة الحرب بتنفيذ القرار " 9066 "، وطلب من وزير الحرب هنري ستيمسون أن يتوخى "العقلانية" قدر الإمكان أثناء التنفيذ، فيما شهد المدعي العام الأمريكي حينها، فرانسيس بيدل بأن روزفلت كان مصمما على القيام بكل ما يعتقد أنه ضروري لكسب الحرب، وأنه لم يكن مهتما كثيرا بخطورة أو آثار إصدار أمر يتعارض بشكل أساسي مع وثيقة الحقوق.

أما إليانور روزفلت وكانت تعرف بتحمسها للحقوق المدنية، فقد تحدثت في مذكراتها بأنها كانت ضد موقف زوجها، مشيرة إلى انها حاولت تغيير رأيه لكنها حين فتحت الموضوع معه، قاطعها وطلب منها ألا تتحدث عنه مرة أخرى!

جرى في الأشهر الستة التالية بموجب هذا الأمر التنفيذي نُقل ما يقرب من 122 ألف رجل وامرأة وطفل قسراً إلى "مراكز تجمع"، وبعد ذلك تم تحويلهم إلى "معسكرات اعتقال" معزولة ومسيجة وخاضعة للحراسة.

بلغ عدد مواقع الاعتقال المسيجة عشرة، وكانت موزعة في مناطق نائية بست ولايات غربية وأركنساس، وهي "هارت ماونتن في وايومنغ، وبحيرة تولي ومانزانار في كاليفورنيا، وتوباز في يوتا، وبوستون وجيلا ريفر في أريزونا، وغرناطة في كولورادو، ومينيدوكا في أيداهو، وجيروم وروهير في أركنساس".

نظرت المحكمة العليا الأمريكية خلال فترة الحرب في قضيتين تطعنان في دستورية الأمر التنفيذي 9066، لكنها دعمته في المناسبتين.

وفي آخر المطاف، وبعد عقود من الحرب، وقع الرئيس جيرالد فورد في 19 فبراير 1976 أمرا يحظر على السلطة التنفيذية إعادة العمل بمثل هذا الامر التنفيذي المأساوي وسيئ السمعة.

عن خاتمة تلك المأساة الجماعية يقول الأرشيف الأمريكي: "لسنوات عديدة بعد الحرب، سعى العديد من الأفراد والجماعات للحصول على تعويض للسجناء. أجبرت سرعة (الإخلاء) العديد من مالكي المنازل ورجال الأعمال على البيع بسرعة؛ حيث يقدر إجمالي خسارة الممتلكات بـ 1.3 مليار دولار، فيما تقدر خسارة الدخول الصافية بـ 2.7 مليار دولار (محسوبة بدولارات عام 1983 بناء على تحقيق أجرته لجنة الكونغرس)".

الأرشيف الأمريكي يفيد أيضا بأن "قانون مطالبات الإخلاء الأمريكية اليابانية لعام 1948، مع التعديلات في عامي 1951 و1965، قدم مدفوعات رمزية عن بعض الخسائر في الممتلكات. بذلت جهود أكثر جدية للتعويض في أوائل عام 1980، حين أجرت اللجنة المنشأة من قبل الكونغرس حول إعادة توطين واعتقال المدنيين في زمن الحرب تحقيقات وقدمت توصيات. بنتيجة ذلك، تم تقديم العديد من مشاريع القوانين في الكونجرس من عام 1984 حتى عام 1988. في عام 1988، أقر القانون العام 100-383 بظلم الاعتقال، واعتذر عنه، واقر تعويضا جزئيا تمثل في دفعة نقدية قدرها 20000 دولار لكل شخص مسجون".

المصدر: RT

موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا