سيرغي كوروليوف الرجل الذي دشن عصر الفضاء

الفضاء

سيرغي كوروليوف الرجل الذي دشن عصر الفضاء
انسخ الرابطhttps://ar.rt.com/iebl

يصادف يوم 12 يناير/ كانون الثاني الذكرى الـ 110 لولادة عالم سوفيتي عبقري استطاع بفضل تصميمه للأقمار الصناعية ولمركبات الفضاء أن يحقق لبلاده مرتبة الريادة في مجال استكشاف الفضاء.

سيرغي كوروليوف مصمم وعالم بارزعمل في مجال تصميم وصنع الصواريخ والاجهزة الصاروخية الفضائية. ويعتبر بحق أب الاجهزة الصاروخية الفضائية السوفيتية التي ضمنت التعادل الاستراتيجي مع الغرب وجعلت الاتحاد السوفيتي يصبح دولة صاروخية – فضائية طليعية.
ولد سيرغي كوروليوف في 12 يناير/كانون الثاني عام 1907 بمدينة جيتومير في أوكرانيا. وتميز سيرغي منذ اعوام الدراسة في المدرسة بقدرات فائقة وبشغف شديد بمعدات الطيران الجديدة آنذاك.

التحق كوروليوف في عام 1924 بالمعهد التكنولوجي في كييف ليدرس اختصاص اجهزة الطيران واتقن فيه خلال عامين أيما إتقان المواد الهندسية العامة.
وفي سبتمبر/ أايلول عام 1931 سعى كوروليوف مع رفاقه الى تأسيس منظمة اجتماعية في موسكو أطلق عليها مجموعة دراسة الحركة النفاثة. وفي ابريل/نيسان عام 1932 اصبحت هذه المجموعة في الواقع مختبرا علميا تصميميا تابعا للدولة يقوم بتصميم وصنع الاجهزة الطائرة النفاثة.

وفي عام 1936 تسنى له حين كان رئيسا لقسم الاجهزة الطائرة الصاروخية أن يجري تجارب على الصواريخ المجنحة : الصاروخ المضاد للجو – 217 ذي المحرك الصاروخي العامل بالبارود ، والصاروخ البعيد المدى – 212 ذي المحرك الصاروخي العامل بالوقود السائل.

وشارك إبان الحرب العالمية الثانية في تصنيع قاذفتي القنابل بي – 2 وتو - 2 ، وبادر في الوقت نفسه الى صنع الطوربيد الجوي الموجه والنسخة الجديدة للطائرة الاعتراضية الصاروخية.

وفي عام 1946 صدر قرار يقضي بأن تؤسس في الاتحاد السوفيتي فروع لتصميم وتصنيع الاسلحة الصاروخية ذات المحركات الصاروخية العاملة بالوقود السائل. ونص هذا القرار على توحيد كافة مجموعات المهندسين السوفييت لدراسة السلاح الصاروخي الالماني فاو – 2 والتي عملت منذ عام 1945 في ألمانيا، لتكون ضمن المعهد الموحد للبحوث العلمية "نوردهاوزن" الذي عين الجنرال ليف غايدوكوف مديرا له بينما عين كوروليوف في منصب المدير العام للشئون الهندسية والتقنية. وقام بدراسة الصاروخ الالماني فاو – 2 كما صمم صاروخا باليستيا اكثر تطورا يصل مداه الى 600 كيلومتر.

وسرعان ما انضم جميع الخبراء السوفيت الى معاهد البحث العلمي ومكاتب التصميم والتجارب. وفي أغسطس/آب عام 1946 عين كوروليوف في منصب كبير مصممي الصواريخ الباليستية البعيدة المدى ورئيس قسم تصميمها وتصنيعها.
وفي الوقت نفسه عمل كوروليوف على تصميم الصاروخ البالستي الجديد "ر-2" الذي يبلغ مداه 600 كيلومتر ، علما ان هذا الصاروخ مزود بخزان وقود معلق يجعله مريحا اكثر لدى الاستخدام. أما الرأس القتالي للصاروخ فينفصل عنه في أثناء التحليق.
وقام كورولويف بتصميم وتصنيع الصاروخ الاستراتيجي " ر – 11 م" ذي الرأس النووي الذي وضع في الخدمة القتالية في عام 1957 ، ويمكن نقله بعد تزويده بالوقود فوق شاسي دبابة. وتم تحديث هذا الصاروخ كثيرا ، وجرى تكييفه لكي يتم تسليح الغواصات به بصفته "ر 11 ف م" .

علاوة على ذلك صمم كوروليوف الصاروخ المجنح العابر للقارات ذا المرحلتين . وتم صنع اول صاروخ عابر للقارات " ر – 7 " .
لقد سعي كوروليوف لدى تصميم وصنع الصواريخ الباليتسية القتالية الى تحقيق ما هو أكبر ، اي غزو الفضاء الكوني وتحقيق الرحلات المأهولة إلى الفضاء. وبدأ لهذا الغرض منذ عام 1949 سوية مع العلماء في اكاديمية العلوم السوفيتية بإجراء بحوث بصدد استخدام الصاروخ المطور "ر – 1أ" عن طريق اطلاقه رأسيا وبانتظام الى ارتفاع حتى 100 كيلومتر ، ومن ثم بواسطة اطلاق الصواريخ الأقوى من طراز " ر – 2 " و" ر – 5 " الى ارتفاع 200 و500 كيلومتر على التوالي. وكان الهدف من إجراء هذه التجارب هو دراسة بارامترات الفضاء الكوني القريب واشعاعات الشمس والمجرات والمجال المغناطيسي للأرض وسلوك الحيوانات المتطورة في ظروف الفضاء (ظروف انعدام الوزن وفرط الاجهاد والاهتزازات الشديدة والاجهادات السمعية)، وكذلك اعداد الوسائل اللازمة لإدامة الحياة وإعادة الحيوانات الى الارض من الفضاء – وقد جرى اطلاق حوالي سبعين صاروخا لهذا الغرض.

في عام 1955 وقبل وقت طويل من اجراء التجارب على تحليق الصاروخ "ر – 7 " قدم كوروليوف وعدد من العلماء الاخرين اقتراحا الى الحكومة حول اطلاق قمر صناعي يصبح تابعا للأرض بواسطة الصاروخ "ر – 7" .

وقد أيدت الحكومة هذه المبادرة . وفي 4 اكتوبر /تشرين الاول عام 1957 أطلق كوروليوف الى الفضاء القريب من الارض أول قمر صناعي في تاريخ البشرية. وفي 12 ابريل/ نيسان عام 1961 أصاب كوروليوف الرأي العام العالمي بالدهشة مجددا. فقد صنع اول مركبة فضائية مأهولة" فوستوك" ونفذ أول رحلة في العالم للإنسان الى الفضاء المحيط بالأرض، هو مواطن الاتحاد السوفيتي يوري غاغارين.

وفي فجر العصر الفضائي تحدث كوروليوف ايضا عن صنع محطة فضائية مديدة. وكان النموذج الاولي لها هو المركبة الفضائية " سويوز" الجديدة مبدئيا والاكثر تطورا من سابقاتها. وكانت هذه المركبة تحتوي على قسم المعيشة حيث كان رواد الفضاء يستطيعون البقاء فترة طويلة فيها بدون بزات فضائية ويجرون البحوث العلمية.

وجرى العمل في وقت واحد مع التطور العاصف للملاحة الفضائية المأهولة على صنع اقمار صناعية للأغراض العلمية والاقتصادية والعسكرية. وفي عام 1958 تم صنع القمر الصناعي الجيوفيزيائي واطلاقه الى الفضاء ، ومن ثم أطلق قمران صناعيان من طراز
" الكترون" من اجل دراسة الاحزمة الاشعاعية للأرض. وفي عام 1959 صنعت وأطلقت ثلاثة اجهزة فضائية أوتوماتكية الى القمر. قام الاول والثاني منها بأيصال شعار الاتحاد السوفيتي الى القمر. اما الثالث فأطلق من اجل تصوير الجانب المعاكس (غير المرئي) من سطح القمر. وبدأ كوروليوف لاحقا بصنع جهاز فضائي اكثر تطورا من اجل الهبوط برفق على سطح القمر والتقاط الصور الفوتوغرافية للتضاريس القمرية وبثها الى الارض.

كما بدأ كوروليوف بتطوير مسار هام آخر في استخدام الاقمار الصناعية. فصنع أول قمر صناعي سوفيتي للاتصال والبث التلفزيوني "مولنيا" يقوم بوظائفه في مدار اهليلجي عال.

في 14 يناير /كانون الثاني عام 1966 كف قلب كوروليوف عن الخفقان بموسكو بعد اجراء عملية جراحية له. وكانت وفاته مأساة حقيقية بالنسبة للملاحة الفضائية السوفيتية والعالمية ، وبنتيجة ذلك تراجعت وتائر تطور جميع البرامج الفضائية . وكما اظهر التطور اللاحق للملاحة الفضائية فإنه لم تظهر شخصية بوزنه في هذا المضمار لا في روسيا ولا في الولايات المتحدة.

المصدر: RT

يفغيني دياكونوف

موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا